responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 201
[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 153]
قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)
قَوْلُهُ: قُلْ تَعالَوْا أَيْ تَقَدَّمُوا. قَالَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ: إِنَّ الْمَأْمُورَ بِالتَّقَدُّمِ فِي أَصْلِ وَضْعِ هَذَا الْفِعْلِ كَأَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا، فَقِيلَ لَهُ تَعَالَ: أَيِ ارْفَعْ شَخْصَكَ بِالْقِيَامِ وَتَقَدَّمَ، وَاتْسَعُوا فِيهِ حَتَّى جَعَلُوهُ لِلْوَاقِفِ وَالْمَاشِي.
وَهَكَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ: إِنَّهُ مِنَ الْخَاصِّ الَّذِي صَارَ عَامَّا، وَأَصْلُهُ أَنْ يَقُولَهُ مَنْ كَانَ فِي مَكَانٍ عَالٍ لِمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ، ثُمَّ كَثُرَ وَاتَّسَعَ فِيهِ حَتَّى عَمَّ. قَوْلُهُ: أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ أَتْلُ: جَوَابُ الْأَمْرِ، وَمَا:
مَوْصُولَةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِهِ، أَيْ: أَتْلُ الَّذِي حَرَّمَهُ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. وَالْمُرَادُ مِنْ تِلَاوَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تِلَاوَةُ الْآيَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: أَتْلُ تَحْرِيمَ رَبِّكُمْ. وَالْمَعْنَى: مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّحْرِيمِ قِيلَ:
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، أَيْ: أَتْلُ أَيَّ شَيْءِ حَرَّمَ رَبُّكُمْ، عَلَى جَعْلِ التِّلَاوَةِ بِمَعْنَى الْقَوْلِ، وهو ضعيف جدّا، وعليكم: إِنْ تَعَلَّقَ بِأَتْلُ، فَالْمَعْنَى: أَتْلُ عَلَيْكُمُ الَّذِي حَرَّمَ رَبُّكُمْ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِحَرَّمَ، فَالْمَعْنَى أَتْلُ الَّذِي حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ بَيَانِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ لَا مَقَامُ بَيَانِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إِنَّ: عَلَيْكُمْ، لِلْإِغْرَاءِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا قَبْلَهَا. وَالْمَعْنَى: عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا إِلَى آخِرِهِ، أَيِ: الْزَمُوا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ [1] وهو أضعف مما قبله، وأن في أَلَّا تُشْرِكُوا: مُفَسِّرَةٌ لِفِعْلِ التِّلَاوَةِ، وَقَالَ النَّحَّاسُ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنْ مَا، أَيْ: أَتْلُ عَلَيْكُمْ تَحْرِيمَ الْإِشْرَاكِ وَقِيلَ:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، أَيِ: الْمَتْلُوُّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا، وَشَيْئًا: مَفْعُولٌ أَوْ مَصْدَرٌ، أَيْ: لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْإِشْرَاكِ. قَوْلُهُ: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً أَيْ: أَحْسِنُوا بِهِمَا إِحْسَانًا، وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا: الْبِرُّ بِهِمَا، وَامْتِثَالُ أَمْرِهِمَا وَنَهْيِهِمَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ لَمَّا ذَكَرَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ، ذَكَرَ حَقَّ الْأَوْلَادِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُمْ مِنْ أَجْلِ إِمْلَاقٍ. وَالْإِمْلَاقُ: الْفَقْرُ، فَقَدْ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِالذَّكَرِ وَالْإِنَاثِ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ، وَتَفْعَلُهُ بِالْإِنَاثِ خَاصَّةً خَشْيَةَ الْعَارِ. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنْ مُؤَرِّجٍ أَنَّ الْإِمْلَاقَ: الْجُوعُ بِلُغَةِ لَخْمٍ، وَذَكَرَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ أَنَّ الْإِمْلَاقَ: الْإِنْفَاقُ. يُقَالُ أَمْلَقَ مَالَهُ: بِمَعْنَى أَنْفَقَهُ. وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ، وَأَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ هَاهُنَا وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ أَيِ الْمَعَاصِيَ، وَمِنْهُ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً [2] وَمَا: فِي مَا ظَهَرَ بَدَلٌ مِنَ الْفَوَاحِشِ، وَكَذَا مَا بَطَنَ. وَالْمُرَادُ بِمَا ظَهَرَ: مَا أَعْلَنَ بِهِ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ: مَا أَسَرَّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ اللَّامُ فِي النفس للجنس، والَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ صِفَةٌ لِلنَّفْسِ، أَيْ: لَا تَقْتُلُوا شَيْئًا مِنَ الْأَنْفُسِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ أي إلا بما يوجبه

[1] المائدة: 105.
[2] الإسراء: 32.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست